أهمية السوشيال ميديا ومدى تأثيرها على الاقتصاد العالمي
لم يعد استخدام السوشيال ميديا أمرًا ترفيهيًا كما كان مسبقًا، فقد أصبحت السوشيال ميديا ضرورة من ضروريات التجارة والأعمال على مستوى العالم، ولا شك أن جميع الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة تعتمد الآن في تسويقها واستحواذها على نسبة أكبر من السوق عن طريق تواجد هويتها وتفاعلها المستمر مع عملائها على مختلف منصات السوشيال ميديا.
السبب في كبر أهمية السوشيال ميديا متمثل في مدى ضخامة قاعدة مستخدميها اليوميين ومدة استخدامهم لمنصات السوشيال ميديا خلال اليوم، فالطفرة التي حدثت في السوشيال ميديا لم تتوقف فقط على تضاعف أعداد المستخدمين للمنصات، وإنما تمثلت أيضا في زيادة فترات استخدام المستخدمين للمنصات ومدى اعتمادهم على السوشيال ميديا بشكل أساسي في إدارة جميع جوانب حياتهم اليومية.
الأهمية تكمن في مدى قدرة تلك الشركات على جذب عملائها وتقوية علاقتهم بها من خلال استراتيجيات التسويق الاحترافية والحملات الدعائية التفاعلية على مواقع السوشيال ميديا وتوافقها وتكاملها مع الأحداث على أرض الواقع، فالجدير بالذكر أن الأحداث العالمية والآراء العامة تنتشر خلال لحظات على السوشيال ميديا مما يعمل على تعظيم وتسريع التأثير على قيمة أسهم الشركات والكيانات التجارية الضخمة إذا كانت الأحداث والآراء مرتبطة بتلك الشركات، وذلك يعتبر من أهم تأثيرات السوشيال ميديا على الاقتصاد العالمي، وكلنا يعلم ماذا حدث مؤخرًا في سعر سهم شركة كوكاكولا عند انتشار فيديو لاعب كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو بسرعة البرق على منصات السوشيال ميديا، ولمن لا يعلم، وفيما يلي سنروي لكم ما حدث.
خلال المؤتمر الصحفي ليورو 2020 قبل المباراة ضد المجر مباشرة، دخل النجم البرتغالي المؤتمر الصحفي ثم أزال كريستيانو رونالدو زجاجة كوكاكولا واستبدلها بالماء ليحث الجميع على شرب الماء بدلاً من شرب الكوكاكولا، أدت هذه الخطوة إلى انخفاض سعر سهم Coca-Cola من 56.10 دولارًا إلى 55.22 دولارًا.
انتشر فيديو طلب رونالدو من الناس شرب الماء بدلًا من الكوكا كولا على منصات السوشيال ميديا المختلفة بسرعة البرق، وبمجرد حدوث ذلك، بدأ حتى الناس على منصات السوشيال ميديا في نشر التصميمات والفيديوهات المضحكة وأخذوا يسخرون من شركة Coca-Cola وشركات المشروبات الغازية الأخرى، الآن كان على شركة كوكا كولا أن تدفع ثمناً باهظاً لهذا الفعل وقد خسروا بالفعل 4 مليارات دولار في ذلك اليوم خلال 4 ساعات فقط.
بعد هذا، ردت الشركة على فعل رونالدو بحكمة بالغة، حيث بدت الشركة في بيانها إيجابيًا للغاية بشأن فعل رونالدو وقالت إن كل شخص له الحق في اختيار المشروب لأن الناس لديهم أذواق مختلفة. على الرغم من كونها الراعي الرسمي لبطولة Euro 2020، إلا أن الشركة لم تكن لديها مشكلة في موقف رونالدو مع زجاجة كوكا كولا
وقالت شركة Coca-Cola في بيان: "يتم تقديم الماء للاعبين، جنبًا إلى جنب مع Coca-Cola وCoca-Cola Zero Sugar، عند وصولهم إلى مؤتمراتنا الصحفية".
لم يقتصر تأثير السوشيال ميديا في الاقتصاد العالمي على مصالح الشركات الكبرى والحكومات فقط، وإنما امتد تأثير السوشيال ميديا ليشمل المصالح الفردية للأشخاص، والدليل على ذلك هو مساهمة السوشيال ميديا في ظهور كيانات وظيفية جديدة ذات أهمية كبيرة ويبحث عنها الجميع، ومن أهمها مدير منصات السوشيال ميديا، ومسوق السوشيال ميديا، ووظيفة الـ moderator، ووظيفة مصمم إعلانات السوشيال ميديا، ومصمم فيديوهات السوشيال ميديا.
ذلك بالإضافة الى تأثيرات أخرى متعددة للسوشيال ميديا على الاقتصاد، منها الي يؤثر عليه بطريقة مباشرة ومنها ما يؤثر بطريقة غير مباشرة، ومن أهم صور تأثيرات السوشيال ميديا على الاقتصاد العالمي:
قبل ظهور منصات السوشيال ميديا كان الاعتماد في التسويق منصب على نشر الحملات الدعائية في القنوات التليفزيونية الأكثر مشاهدة والصحف والمجلات الأكثر مبيعا بالإضافة الى وسائل الإعلان التقليدية مثل لافتات الطرق والشوارع، وتجدر الإشارة الى مدى كبر تكاليف تلك الوسائل وأيضا مدى صعوبة وتزمت الوكالات الإعلانية التي تقوم بنشر تلك الحملات.
بعد انتشار استخدام الانترنت ومنصات السوشيال ميديا، أصبحت مصات السوشيال ميديا تمثل المجتمعات الأكثر استخدامًا على مستوى العالم، حيث يتم استخدامها يوميا من قبل مليارات المستخدمين ولفترات زمنية طويلة تقدر بمتوسط 9 ساعات من الاستخدام اليومي لكل فرد، مما أدى الى تحويل التوجه التسويقي للعالم كله الى منصات السوشيال ميديا، وكانت التكاليف البسيطة لحملات السوشيال ميديا وأدوات التخطيط ودراسة الأسواق وقياس نتائج الحملات والتحليل أهم المحفزات التي سهلت من ذلك التحول.
ان لمنصات التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في نشر الوعي الصحي حول العالم وذلك من خلال نشر ومشاركة العديد من المعلومات والتدوينات والأبحاث الصحية من قبل المنظمات المعتمدة والأطباء، وكل منا قد لاحظ دور الرعاية الصحية للسوشيال ميديا خلال أزمة تفشي وباء كورونا، وكان ذلك متمثلا في منشورات التوعية التي كانت تقوم منظمة الصحة العالمية بنشرها بجانب ما تقوم المنظمات الصحية الدولية والمحلية الأخرى بنشره من منشورات وتدوينات وفيديوهات توعوية لحث الأفراد على الالتزام بالإجراءات الوقائية.
أحدث التفاعل المتزايد مع المعلومات والمنشورات الصحية والتوعوية من قبل مستخدمي السوشيال ميديا توجها ضخمًا من قبل الشركات الرائدة في صناعة الأدوية نحو التسابق والتنافس في انتاج لقاح فعال يقلل من خطر وباء كورونا، أدى ذلك التوجه الى ضخ الكثير من الأموال من قبل رجال الأعمال والحكومات للاستثمار في انتاج لقاح فعال، وكما ذكرنا مسبقًا الفضل في ذلك يرجع الى السوشيال ميديا.
تعتمد منصات السوشيال ميديا في ربحها بشكل كبير على الإعلانات، ولذلك قامت منصات السوشيال ميديا بتصميم لوحات تحكم إعلانية احترافية، حيث تمكن كل شخص من إنشاء اعلاناته بالميزانية المتاحة له، والجدير بالذكر أن منصات السوشيال ميديا لا تتوقف نتائج الإعلانات فيها على الميزانيات فقط، وإنما تتعدد العناصر التي تعتمد عليها نتائج الإعلانات وذلك يجعل المنافسة عادلة بين الشركات التي تقدم نفس الخدمات والمنتجات.
ساعدت عدالة المنافسة التي توفرها منصات السوشيال ميديا على تعزيز فرص الشركات حديثة الإنشاء على النمو، حيث يجدر بنا القول إن منصات السوشيال ميديا تمنح الشركات والأنشطة التجارية فرصًا حقيقية لاستهداف عملائها، وهذا هو العنصر الأكثر تميزا في تسويق المنتجات على منصات السوشيال ميديا، ولذلك تجعل دراسة السوق والتخطيط الاحترافي للحملات التسويقية عملية الاستهداف على منصات السوشيال ميديا أكثر دقة دون الحاجة الى تكاليف ضخمة.
Powered by Froala Editor